
يوسف العظمة: رمز المقاومة السورية وشهيد الشرف الوطني
يُعتبر يوسف العظمة (1884–1920) أحد أبرز رموز المقاومة السورية ضد الاستعمار، وشخصيةً تاريخية جسّدت تضحية السوريين دفاعاً عن استقلال بلادهم. وُلد في حي الشاغور بدمشق لعائلة عريقة، وتلقى تعليماً عسكرياً في إسطنبول، حيث التحق بالأكاديمية العسكرية، ليكون لاحقاً أحد قادة الجيش العثماني.
لكن انتماءه الوطني دفعه للانضمام إلى الحركة العربية الكبرى (1916) ضد الحكم العثماني، مُظهراً مبكراً روحه المقاوِمة.
دوره في تأسيس الجيش السوري وقيادة المقاومة:
بعد سقوط الدولة العثمانية، انضم يوسف العظمة إلى حكومة الملك فيصل الأول في دمشق، حيث عُيّن وزيرًا للحربية ، ليصبح أول عربي يتولى هذا المنصب في التاريخ الحديث. عمل على تأسيس الجيش السوري النظامي ، الذي جمع فلول القوات العربية ودرّبها لمواجهة التهديدات الخارجية.
عندما هدد الاحتلال الفرنسي بدخول دمشق عام 1920، رفض العظمة الاستسلام، وقاد جيشه في معركة ميسلون (24 يوليو/تموز 1920) لصد القوات الفرنسية بقيادة الجنرال هنري غورو . رغم عدم تكافؤ القوى، خاض المعركة مُعلناً: “لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى إلا إذا سُفِكَت الدماء”
استشهد في المعركة، لكن موقفه أصبح مثالاً للشجاعة والكرامة.
الدور الوطني والتاريخي:
رمز الوحدة الوطنية: جمع العظمة بين أبناء سوريا من مختلف الطوائف تحت راية الجيش السوري، مُتجاوزاً الانقسامات الطائفية التي حاول الاستعمار تأجيجها.
إلهام للأجيال: ظلّت معركة ميسلون وصيته الشهيرة مصدرَ إلهامٍ للحركات الوطنية، ورمزاً لرفض الاحتلال بأي ثمن.
جهوده السياسية: ساهم في تعزيز الهوية السورية خلال فترة الانتداب، عبر دعم المؤسسات الوطنية ورفض التقسيم.
الخاتمة:
يوسف العظمة لم يُقدّم نفسه كقائدٍ عسكري فحسب، بل كمُثقفٍ وُطنِي آمن بأن سوريا أرضٌ واحدة لا تُقسم. استشهاده في ميسلون لم يُنهِ مقاومته، بل حوّله إلى أيقونةٍ خالدة في ذاكرة السوريين، تُذكّرهم بأن الحرية تُنتزع بالدم والعزيمة. اليوم، تُعتبر مواقفه دعوةً لاستعادة الروح الوطنية الجامعة، ورفض كل أشكال الهيمنة والتمزيق.
“شرفُ الأمة لا يُساوم عليه” — يوسف العظمة، كلماته الأخيرة قبل ميسلون.